العزل والسجن
رغم حكمه للسودان لمدة ثلاثين عاماً بقبضة حديدية، إلا أن الأرض القوية التي كان يقف عليها اهتزت بعنف، إذ خرج السودانيون في 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 للتظاهر ضد حكمه بسبب غلاء المعيشة وتفشي البطالة وتدهور الوضع الاقتصادي.
لم يصمد حكم البشير طويلا بعد أن انفض من حوله أنصاره وخاصة المؤسسة العسكرية، وانتهى به الأمر في سجن كوبر الذي كان يحتجز فيه البشير معارضيه.
وفي 11 أبريل/ نيسان 2019، أقالت القوات المسلحة السودانية الرئيس البشير من منصبه، وقد وضع على الفور قيد الإقامة الجبرية في انتظار تشكيل مجلس انتقالي، كما ألقى الجيش القبض على جميع وزراء حكومته.
ونقل البشير في 17 أبريل/ نيسان 2019، من الإقامة الجبرية إلى السجن، وفي 13 مايو/أيار 2019، اتهمه الادعاء “بالتحريض والمشاركة ” في قتل المُتظاهرين، وحوكم أيضا بتهمة الفساد (بعد العثور على 130 مليون دولار في منزله)، وأدين في 14 ديسمبر/ كانون الأول 2019، بتهمة غسيل الأموال والفساد.
وحكم القاضي بإيداع البشير في مؤسسة إصلاحية لمدة عامين يتم بعدها حسم المدة حال الانتهاء من التحقيقات.
وبحسب نصوص القوانين التي قرأها القاضي فإن أقصى عقوبة في التهمتين اللتين يحاكم فيهما البشير تبلغ 13 عاما مجتمعة، لكن القاضي أصدر حكمه بهذا الشكل نظرا لعمر البشير الذي تجاوز 70 عاما، كما أشار في حيثيات قراره.
وقد سُجن البشير بتهم الفساد المالي مثل الحصول على أموال من مصادر أجنبية، واستخدامها بطريقة غير قانونية، والثراء غير المشروع، بحسب مكتب المدعي العام. وأضيف إلى تلك التهم، التحريض على قتل المتظاهرين والضلوع في قتلهم.
من هو عمر البشير؟
ولد عمر حسن أحمد البشير عام 1944 في قرية صغيرة تسمى “حوش بانقا” وينتمي إلى قبيلة البديرية الدهمشية المنتشرة في شمال السودان وغربه.
وانضم البشير مبكرا إلى الجيش وكان أحد قادة الجيش ومسؤولا عن قيادة العمليات في الجنوب خلال الحرب بين الشمال وقوات الجيش التحرير السوداني بقيادة الزعيم الراحل جون قرنق.
حصل البشير على ماجستير في العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1981، كما حصل على ماجستير في العلوم العسكرية من ماليزيا عام 1983.
قاد البشير انقلابا عسكرياً ضد الحكومة التي كان يتزعمها رئيس الوزراء، الصادق المهدي، في عام 1989 وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهو العام نفسه الذي تقلد فيه منصب رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية السودانية معاً.
وعندما وقع عام 2005 اتفاق نيفاشا مع الزعيم جون قرنق الذي كان يقود الحركة الشعبية لتحرير السودان، انتهت أطول حرب أهلية استمرت 21 عاما لتولد جمهورية جنوب السودان.
وقد حاول البشير حينها جاهدا التأكيد على أن الاتفاق لا يعكس هزيمة بالنسبة له، وقال “لم نوقع الاتفاق بعد أن انكسرنا، بل وقعناه بينما كنا في أوج انتصارنا”.
ويرفض البشير الاتهامات التي وجهها له مدعي محكمة الجنايات الدولية، القاضي الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو الذي قال في أكثر من مناسبة إن لديه أدلة دامغة على تورط البشير في جرائم حرب.
وتعرض البشير لكثير من الانتقادات من قبل المنظمات الإنسانية، إذ لاحقته المحكمة الدولية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية في دارفور منذ عام 2009، إلا أنه واصل زياراته إلى البلدان العربية والأفريقية متحدياً قرار المحكمة.
ومنذ انقلاب عام 1989، لم تتم أي انتخابات رئاسية حتى عام 2010 التي فاز فيها البشير بعد أن انسحبت المعارضة منها، واصفة إياها بأنها “غير نزيهة”.
وفي سبتمبر/أيلول 2013، اندلعت احتجاجات شعبية واسعة في السودان، ضد حكم البشير بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد التموينية وسوء الأوضاع المعيشية بشكل عام. وقد قتلت قوات الأمن الحكومية خلال تلك الاحتجاجات ما لا يقل عن 200 متظاهر، بالإضافة إلى اعتقال وتعذيب الكثير من العمال والطلاب.
وأعلن البشير وقتها عن عدم رغبته في الترشح لمنصب الرئاسة في انتخابات عام 2015. لكنه لم يفِ بوعده.
ورشح البشير نفسه مجددا لخوض الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2015 إلى جانب 15 مرشحا أغلبهم مستقلون، وأعلنت اللجنة الانتخابية يوم 27 من الشهر نفسه فوز البشير بالانتخابات بنسبة 94.5 في المئة من الأصوات.
التعليق على الصورة،الصادق المهدي زعيم حزب “الأمة” الإسلامي المعارض ورئيس الوزراء سابقا يجلس في مسجد بالخرطوم محاطا بمؤيديه. 19 ديسمبر/كانون الأول 2018
الاقتصاد في عهده
وقد شهد عهد البشير انتعاشا اقتصاديا للبلاد، فحينما تولى الرئاسة كانت عقوبة من توجد دولارات في حوزته هي الإعدام.
ولاحقا اكتظت الجيوب بالدولارات مع تدفق النفط، وتم رفع القيود على حيازتها وتم إدخال تغيير جذري على شبكة الاتصالات في البلاد.
غير أن تلك المبادرات والتحسينات المتعلقة بالتجارة لم تنتشر بالتساوي في ربوع البلاد، كذلك لم توزع عائدات الثروة النفطية توزيعا عادلا.
ومع انفصال الجنوب أخذ ثلاثة أرباع النفط معه فكان لابد من شد الأحزمة في الخرطوم.
وينفي البشير الاتهامات بأن تلك القضايا ربما تكون السبب الخفي للصراع الذي قتل وشرد مئات الآلاف في دارفور.
فهو يقول “في الواقع إن مشكلة دارفور مشكلة صراع تقليدي على الموارد، تم تغليفها بمزاعم عن التهميش”.
الحياة الشخصية
ولا يُعرف الكثير عن الحياة الخاصة للبشير، وليس لديه أطفال رغم زواجه من اثنتين. وكان زواجه الثاني من أرملة إبراهيم شمس الدين، الذي كان يعد “بطل حرب في الشمال”.
وكان البشير يحث القادة على الزواج بأكثر من امرأة ورعاية أرامل الحرب الأهلية التي استمرت عقدين من الزمن وسقط فيها الكثير من القتلى.
—————–
يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.