هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هو سؤال من الأسئلة المُهمة والتي لا بدَّ من توضيح إجابتها وحكمها الشرعي في الدين الإسلامي، فإنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو يوم ميلاد الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو يومٌ يحتفل فيه الكثير من المُسلمين ويقيمون الولائم والاحتفالات، وذلك دون الرجوع والتأكد من الحكم الشرعي للاحتفال بهذا اليوم، خصوصًا مع اقتراب موعد يوم عيد المولد النبوي الشريف وهو الثاني عشر من شهر ربيع الأول من كلّ عامٍ هجري، كما أنّ الكثير من أهل العلمِ بإباحة الاحتفال بالمولدِ النبويِّ الشريف، وذهب مجموعةٌ من العلماء إلى منع الاحتفال بالمولدِ النبويِّ الشريف، وفي هذا المقال سنسلط الضوء على حكم الاحتفال بالمولد النبوي هل يجوز؟ من الأحكام الجدلية التي يسأل الكثير من المسلمين حول هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وهل هو بدعة وما حكم الاحتفال به في الشرع، مرددين هذه التساؤلات على دار الإفتاء، والتي أصدرت بيانا توضح خلاله اللغط السائد وما يشاع حول الاحتفال بذكرى سيد الخلق.
المولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف أو يوم ولادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، خير الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين أجمعين، هو اليوم الذي يصادف يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل من كل عام هجري بحسب ما ورد في عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو اليوم الذي يوافق وم السابع عشر من شهر ربيع الأول من كل عام هجري عند أتباع الطّائفة الشيعية، ويُعدّ هذا اليوم من أبرز الأيام في السنة عند المسلمين، حيث تُقام فيه الاحتفالات ومجالس الذكر فرحًا بذكرى ميلاد خير الخلق محمد صلّى الله عليه وسلّم، النبيّ العظيم الذي وُلد في عام الفيل وهو عام 570م أو 571م بحسب أكثر الأقوال، ومن الجدير بالقول إنَّ الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف من أكثر العادات التي عُرف عليها المسلمون منذ القدم، فقد ذكر بعض المؤرخين والفقهاء هذا الأمر في كُتبهم ومؤلفاتهم.
هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
هنا سؤال يتردد كل عام في هذه المناسبة الدينية وهو هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف او حرام وهذا رغبة في اتباع السنة والتقرب من الله للحصول على الثواب، حيث يجيب الأزهر الشريف على هل الاحتفال بالمولد النبوي بدعة بأن الاحتفال به هو أمر جائز شرعا وليس بدعة.
ويقول الشيخ ابن باز بأنه“غير مشروع بل هو بدعة، ولم يفعله النّبي -صلى الله عليه وسلّم- ولا أصحابه، فالاحتفال بالموالد بدعةٌ غير مشروعة، والنبّي هو الدّاعي إلى كلّ خير وهو المرشد للأمّة، وقد بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وسراجًا منيرًا، ولم يُرشد أمّته للاحتفال بيوم مولده لا في حياته ولا بعد مماته، ولم يفعله أحدٌ من الصّحابة”.
محمد سعيد رمضان البوطي قال ان الاحتفال بذكرى مولد رسول الله نشاط اجتماعي يبتغى منه خير دينيّ، فهو كالمؤتمرات والندوات الدينية التي تعقد في هذا العصر، ولم تكن معروفة من قبل، ومن ثم لا ينطبق تعريف البدعة على الاحتفال بالمولد، كما لا ينطبق على الندوات والمؤتمرات الدينية. ولكن ينبغي أن تكون هذه الاحتفالات خالية من المنكرات.
ماهو حكم الاحتفال بالمولد النبي لدار الإفتاء المصرية
أعلنت دار الإفتاء المصرية أباحت الاحتفال بالمولد النبوي وأفادت أن تلك الاحتفالات تندرج في إطار العبادات، وقالت في تغريده لها على تويتر بما معناه أن من يلتبس عليهم دعوى النبي عليه السلام والصحابة والسلف الصالح في ثلاثة قرون الأولى بأنهم لم يقوموا بالاحتفال بمولد النبي هي دعوى غير صحيحة، وقالت: أنه لا يشك عاقل بفرحهم رضوان الله عليهم بمولد رسول الأمة صلى الله عليه وسلم، ولكن للفرح أساليب ومظاهر مختلفة ولا حرج بالتعبير عن تلك الفرحة بأي وسيلة ما دامت مباحة.
من أقوال العلماء الذين أجازوا الاحتفال بالمولد النبوي
إنّ أول من أحدث بدعة المولد النبوي الشريف هم الفاطميين، ولكنّ بعض أهل العلم من السّنّة جاءت لهم نصوص وأقوال تُبيح الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، ومن أقوالهم:
- الإمام ابن حجر العسقلاني: “أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك اشتملت على محاسن وضدها، فمن تحرى في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة”.
- الإمام النووي: “ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين”.
- محمد متولى الشعراوي: “وإكراما لهذا المولد الكريم فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام وذلك بالاحتفال بها من وقتها”.
- يوسف القرضاوي: “إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين، فأي بدعة في هذا وأية ضلالة”.
- محمد راتب النابلسي: “الاحتفال بعيد المولد ليس عبادة ولكنه يندرج تحت الدعوة إلى الله، ولك أن تحتفل بذكرى المولد على مدى العام في ربيع الأول وفي أي شهر آخر، في المساجد وفي البيوت”.
شاهد ايضاً: موضوع تعبير عن المولد النبوي الشريف بالعناصر والافكار
أدلة شرعية على عدم جواز المولد النبوي الشريف
إنّ غالبيّة القول لدى أهل العلم في حكم المولد النبوي الشريف أنّه مكروهٌ وغير جائز، وذلك استنادًا على الكثير من الأدلّة والبراهين ومنها:
- اقتناعهم أنّ المولد النبوي الشريف لو كان فيه خير، لأخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو خير من قام بتبليغ الرّسالة والنّفع للأمّة.
- إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- لم يحتفل لا هو ولا من معه من الصّحابة الكرام بعيد المولد النبوي الشريف، ولا حتّى الأئمّة والتّابعين.
- الأهمّ من ذلك أنّ أول من أحدث بدعة المولد النبوي الشريف هم الرّافضة العبيديّون، والذين يعدّون من أهل الضّلال، والبعيدين كلّ البعد عن منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- برأي العلماء والنّبي صلى الله عليه وسلّم يقول: “فعليكم بسنتِي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِي تمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”.
- إنّ من يحتفل بالمولد فإنّه يقول أنّ الله -سبحانه وتعالى- لم يُكمل الدّين، وهذا خطرٌ عظيم فإنّ الله قد أتمّ نعمته وأكمل دينه، وما جاء بعد النّبي -صلى الله عليه وسلّم- فهو باطل.
شاهد ايضاً: افكار للاحتفال بالمولد النبوي , انشطة المولد النبوي للاطفال
حكم تقديم الطعام والحلوى بيوم المولد النبوي
إن تقديم الحلوى والأمور الأخرى في المولد النبوي الشريف فهي من الكمالات، فإن فعلت لتبيان الفرح والسرور بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا مانع منها، لكنها ليست شرطًا من شروط الاحتفال أو لوازمه، وفي جميع الأحوال فإن إطعام الطعام من الأمور المستحبة شرعاً؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ”. والله أعلم.
هل التهنئة بالمولد النبوي حرام
بعد أن تمت معرفة هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف او حرام سيتمّ بيان هل التهنئة بالمولد النبوي حرام، حيث أنّ علماء المسلمين قسّموا التّهنئة في الإسلام إلى نوعين اثنين وهما:
- النّوع الأول: هو ما يكون فيه التّهنئة مكروهٌ أو محرّم، وتكون في الأعياد والمناسبات البدعية، أو المنهيّ عنها والمكروهة، فلو هنّأ المسلم الآخرين بها فكأنّه شارك في هذه البدعة، ومثال ذلك يوم المولد النّبوي الشّرف، الذي اختلف في حكمه، ويتبعه حكم التّهنئة بالاختلاف فالتّهنئة فيه مكروهة والله أعلم.
- النوع الثاني: هو ما يكون في كلّ عيدٍ أو مناسبةٍ شرّعها الدّين الإسلامي، أو التّهنئة للتّذكير بعبادة كتهنئة رمضان التي تكون للتذكير بفضله وصيامه، وتهنئة أعياد المسلمين، وهذا النّوع مباحٌ لا خلاف فيه والله أعلم.
إلى هنا نصل لنهاية المقال الذي تمّ فيه الإجابة على هل يجوز الاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف، وتعرفنا أيضاً على تاريخ ولادة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وعرض أقوال أهل العلم في عدم جوازه، كما عرّف بمن أوّل من ابتدع الاحتفال بمولد النبي، وختم ببيان مظاهر الاحتفال فيه التي أباحها بعض أهل العلم، واتمنى ان استفتم من إجابة سؤال هل يجوز الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف.